بعد الزلزال الذي ضرب نيبال بقوة 7.8 درجة في شهر نيسان/ إبريل من العام 2015، بدأت فرق البحث والإنقاذ العمراني بعمليات البحث الحثيث عن الناجين المدفونين تحت أنقاض كاستامانداب؛ وهو مبنى تاريخي يقع في قلب العاصمة كاتماندو.
بمجرد الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ، تم القيام بأعمال إصلاح الأجزاء الخشبية التاريخية والمنحوتات الخشبية لمبنى كاستامانداب بهدف ترميم المبنى الذي لا يزال مركزاً للأنشطة الدينية والثقافية.
وتيسيراً للعملية، نظمت إيكروم تدريباً للشرطة والعساكر والمتطوعين المحليين حول الإسعافات الأولية للتراث الثقافي، وذلك للقيام بأعمال الإصلاح والتوثيق والتخزين للأجزاء الخشبية للمبنى. حيث نُظم التدريب بالتعاون مع دائرة الآثار في نيبال، واليونسكو، وإيكوموس، والمجلس الدولي للمتاحف، ومؤسسة سميثسونيان.
وقد تواجد للعمل في الميدان أعضاء اللجنة الدولية للتأهب للمخاطر في تركية (ICORP Türkiye) يداً بيد مع فريق جي إي إيه للبحث والإنقاذ (GEA SAR Team). حيث ساهموا، بعد إجراء أعمال البحث والإنقاذ، في تحقيق الاستقرار المؤقت والطارئ للمباني والمتاحف التاريخية في ميدان دوربار، وذلك بدعوة من وزارة التراث الثقافي ومتاحف الآثار في نيبال.
فهذه التجربة في تثبيت واستقرار المباني التاريخية المتضررة من أجل إنقاذ الناس والأشياء، بالإضافة إلى إصلاح أجزاء المباني التاريخية بعد إجراء عمليات البحث والإنقاذ وإزالة الركام، أكدت على ضرورة زيادة التعاون والتنسيق بين المسعفين الأوليين للثقافة وفرق البحث والإنقاذ العمراني، حيث يمكن أن تُفقد أجزاء كبيرة ومهمة من التراث عن غير قصد أو أن يتم جرفها مع إزالة الحطام إذا لم تكن هناك لافتات أو إشارات تدل على إمكانية وجود تراث بالمكان.
في عام 2018، بدأ التعاون الرسمي بين كل من: اليونسكو، والمجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ، وإيكروم، واللجنة الدولية للتأهب للمخاطر – التابعة لإيكوموس في تركية، وذلك بهدف تعزيز التعاون والتنسيق بين الجهات المختلفة لحماية التراث أثناء عمليات البحث والإنقاذ العمراني، وأيضاً كجزء من "الاستجابة المرنة" التي يقدمها فرق البحث والإنقاذ العمراني بناء على طلب السلطات في البلد المضيف.
تجدر الإشارة بأن فرق البحث والإنقاذ تتشكل من أفراد عسكريين وكوادر من المؤسسات الأهلية ممن لديهم المهارات اللازمة ويمتلكون معدات متخصصة للمساعدة أثناء الكوارث الكبرى. ونظراً للموارد والتكاليف العالية المتعلقة بتشكيل فرق البحث والإنقاذ العمراني المعتمدة والحفاظ عليها ونشرها، فإنه يجري حالياً مناقشات بشأن زيادة الوسائل الاحترافية المتخصصة بإنقاذ الأرواح والتي تعمل بها فرق البحث والإنقاذ العمراني بمختلف المهام. ولإجراء مشاورات عالمية بهذا الخصوص، عملت المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ على تشكيل فريق عمل الاستجابة المرنة (FRWG).
وكجزء من فريق الاستجابة المرنة (FRWG)، عملت المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ على تشكيل فريق فرعي من خبراء التراث الثقافي، كما دعت المجموعة إلى إجراء مشاورات عالمية واستعراض المذكرة التوجيهية العالمية المتعلقة بإجراء عمليات البحث والإنقاذ في مواقع التراث، والتي عمل على إعدادها كل من: اليونسكو، وإيكروم وإيكوموس-إكورب تركية، بالتعاون مع فريق جي إي إيه للبحث والإنقاذ (GEA SAR Team).
وقد شارك في إعداد المذكرة كل من: أبارنا تاندون – الرئيسة العليا لبرنامج إيكروم الإسعافات الأولية والمرونة للتراث الثقافي في أوقات الأزمات (FAR)، والدكتورة زينب غول أونال من اللجنة الدولية للتأهب للمخاطر التابعة لإيكوموس في تركية، وسِيم بيهار من فريق جي إي إيه للبحث والإنقاذ العمراني (GEA SAR Team)، حيث تمت الموافقة على المذكرة التوجيهية بالإجماع كجزء من الإرشادات التقنية غير الإلزامية لفرق البحث والإنقاذ العمراني.
كما قُدمت مساهمات سخية محددة في المحتوى من قبل كل من أعضاء اللجنة الدولية للتأهب للمخاطر التابعة لإيكوموس في تركية وفريق جي إي إيه للبحث والإنقاذ العمراني (GEA SAR Team) بما فيهم: أوموت دينسشاهين، ونيفرا إرتورك، وكادير إركان، ومحمد أونال، وزينب إيسي أتاباي، وأليساندرا ماسيدونيو، وأيضاً موهونا تشاكرابورتي – مساعدة برنامج إيكروم الإسعافات الأولية والمرونة للتراث الثقافي في أوقات الأزمات (FAR).
وتمت الموافقة على المذكرة التوجيهية بعد مشاورات عالمية أجراها فريق عمل الاستجابة المرنة (FRWG)، حيث قام بتيسير هذه المشاورات الرئيس والرئيس المشارك باولو فاكاري (إيطاليا) وبول باكستر (أستراليا). كما عمل فريق الاستجابة المرنة على تشكيل مجموعة عمل فرعية مختصة بالتراث الثقافي، وذلك مع الرئيس والرئيس المشارك جينغ وانغ (الصين) وأبارنا تاندون (اليونسكو وإيكروم). ومن بين أعضاء مجموعة العمل الفرعية الذين استعرضوا المذكرة التوجيهية: سيرو بولونيزي (إيطاليا)، وغاري فو (المملكة المتحدة)، والدكتور زينب غول أونال (اللجنة الدولية للتأهب للمخاطر التابعة لإيكوموس في تركية)، وأحمد تورونتش (توركية)، أحمد عبد الله الكواري (قطر)، جون دومسيك (الولايات المتحدة الأمريكية)، جون كاوكت (أستراليا).
خطوة كبيرة إلى الأمام باتجاه إدراج التراث الثقافي في المساعدة الإنسانية
تأكيداً على أهمية حماية التراث أثناء حالات الطوارئ، قال سيباستيان رودس ستامبا – أمين سر المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ، بأن المذكرة التوجيهية تعد خطوة مهمة إلى الأمام لتطوير استراتيجيات عملية من أجل حماية التراث. وشدد في بيان له، قدمه لإيكروم، على الحاجة المستمرة إلى التعاون بين الأطراف المختلفة:
"تعتبر المذكرة التوجيهية الجديدة للمجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ، والخاصة بالبحث والإنقاذ العمراني والتراث الثقافي، مورداً ذا قيمة عالية لفرق البحث والإنقاذ العمراني. حيث أنها تتناول على وجه التحديد التحديات والاعتبارات الفريدة المرتبطة بالمحافظة على التراث الثقافي عند إجراء عمليات البحث والإنقاذ العمراني. فمن خلال دمج خبرة شركائنا، إيكروم واليونسكو، والمؤسسات المعروفة بالتزامها بحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه، تزود المذكرة التوجيهية فرق البحث والإنقاذ العمراني بالمعرفة الشاملة والاستراتيجيات العملية للإدارة الفعالة للمواقف التي تتعرض فيها أصول التراث الثقافي للخطر. كما وتؤكد هذه الشراكة على الأهمية البالغة للتعاون متعدد التخصصات؛ ما بين الاستجابة في حالات وقوع الكوارث وحماية التراث الثقافي. ففي النهاية، يعزز هذا التعاون من قدرات فرق البحث والإنقاذ العمراني للحفاظ على التراث الثقافي أثناء عمليات الطوارئ، كما ويعزز اتباع نهج شامل للاستجابة للكوارث؛ يعطي الأولوية لإنقاذ الأرواح والحفاظ على إرثنا الثقافي المشترك."
من خلال برنامجها الرئيسي لتنمية القدرات؛ الإسعافات الأولية والمرونة للتراث الثقافي في أوقات الأزمات (FAR)، تعمل إيكروم بشكل مستمر مع مؤسسات الحماية المدنية والإغاثة الإنسانية للحد من الكوارث من أجل تعزيز التنسيق لبناء القدرة على مواجهة الكوارث والحفاظ على التراث المعرّض للخطر.