في إفريقيا، يوجد مائة وتسعة وثلاثون من ممتلكات التراث الثقافي المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كما أن هناك الآلاف من الأماكن والتقاليد التراثية الثمينة. لكن النسيج الإفريقي الغني للتراث العالمي بما فيه من مواقع أخرى للتراث يواجه تهديداً متزايداً سببه التغير المناخي. فعلى الرغم من اهتمام الشعب بتراثه بشكل كبير، إلا أن التغير المناخي يشكل أحد التهديدات الرئيسية لسلامة المواقع الطبيعية والثقافية في العالم. ولمواجهة هذا التهديد في إفريقيا، فإنه من الضروري إيجاد آليات مبتكرة للإدارة التكيفية وإشراك الشباب في وضع خطط العمل المتعلقة بالمناخ وصنع القرار بهذا الخصوص. هناك جيل جديد من الأبطال بدأ بالظهور؛ أولئك هم الشباب ممن لديهم المعرفة، والحماسة والأفكار المبتكرة لحماية تراثهم.
تجهيز الجيل القادم من المحافظين على التراث الثقافي
جمع منتدى شباب التراث العالمي الإفريقي بدورته السابعة، التي عقدت بين 4 – 8 آذار/ مارس في بولاوايو، زيمبابوي، الشباب الإفريقي المليء بالأفكار بما يتعلق بالعمل المناخي. فمن خلال البرنامج المكثف الذي نظمته إيكروم ضمن إطار برنامجها "الشباب، التراث، إفريقيا" بالتعاون مع شركائها صندوق التراث العالمي لإفريقيا، واليونسكو وجامعة زيمبابوي العظمى، تم تزويد الشباب بالأدوات اللازمة للنجاح، وهي:
-
فهم مخاطر التغير المناخي وتأثيرها على مواقع التراث
-
وضع استراتيجيات للتكيف والتخفيف من الآثار
-
بناء علاقات قوية مع المجتمعات المحلية
-
تطوير حلول مبتكرة للحفاظ على التراث الثقافي بشكل مستدام
كما زودت جزئية المنتدى التي عقدت افتراضياً في الفترة بين 15 – 19 كانون الثاني/ يناير 50 شاباً بالمعرفة النظرية. أما الجزئية التي عقدت وجاهياً في بولاوايو، فقد أتاحت لأولئك الشاب بصقل مهاراتهم من خلال ورش العمل التطبيقية والمناقشات.
كذلك، قدمت المديرة العامة لإيكروم، أرونا فرانشيسكا ماريا غوجرال، كلمات تشجيع للمشاركين في المنتدى، حيث قالت: "إن الشباب لا يدركون التحديات والمخاطر التي تثيرها أزمة المناخ، والتي يواجهونها بشكل مباشر فحسب، بل إنهم قادرون أيضاً، من خلال المشاركة النشطة والإجراءات العملية، على إيجاد حلول طويلة الأمد بطريقة متكاملة وممنهجة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.
وأضافت المديرة العامة أيضاً أنه عند انتهاء المنتدى، سيكون المشاركون الشباب قد اكتسبوا المزيد من المعرفة والخبرة التي تمكنهم من تقييم تأثير التغير المناخي على التراث وبالتالي اقتراح تدابير مبتكرة وفعالة للتصدي لهذه التهديدات، من شأنها أن تسهم في حماية خصائص التراث العالمي وقيمته على المدى الطويل.
ثلاثة مشاريع متميزة تحصل على منح أولية ودعم فني
من بين 20 مشروعاً إبداعياً تقدم فيه قادة التراث الشباب، برزت ثلاثة مشاريع تم اختيارها من قبل لجنة التحكيم لتلقي الدعم، وهي:
.1 مشروع حماية المملكة البيضاء "ديره الشيخ حسين" (من قبل السيدة هيلدانا وينديسن تاديسي، إثيوبيا)
يسعى هذا المشروع إلى تعزيز المشاركة المجتمعية من أجل الحفاظ على الشيخ حسين وحمايته، وهو موقع تراثي ذو أهمية تاريخية وروحية في منطقة بالي بإقليم أوروميا في إثيوبيا. حيث يواجه الموقع مخاطر مثل التدهور الهيكلي، والتآكل، والضرر الذي يمكن أن يلحق بسلامة الموقع وانقطاع التجربة الروحية وتجربة الزوار.
.2 مشروع كهف أوغبونيكي: بيتي، تراثي (من قبل السيدة جينيفر أوبيوراه، نيجيريا)
يهدف هذا المشروع إلى حماية الأهمية الثقافية والروحية لكهف أوغبونيكي في نيجيريا من التهديدات البيئية مثل هطول الأمطار، والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، والتي تفاقمت بسبب الممارسات السياحية غير المستدامة. فمن خلال بناء مراحيض صديقة للبيئة باستخدام اللبن والنفايات البلاستيكية، يتم السعي إلى التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
3. مشروع الحفاظ والقدرة على الصمود: حماية التراث الثقافي في كوري ضد التغير المناخي (من قبل السيد داريوس سافيور أنكاماه، غانا)
يهدف هذا المشروع إلى تعزيز الحفاظ على التراث إلى جانب تعزيز قدرة المجتمع المحلي على الصمود في كوري، وهو موقع ثقافي مقدس في غانا معروف بتنوع أنواع الطيور المهددة بالتغير المناخي. حيث يتم السعي إلى الحد من الانبعاثات مع حفظ التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية.
وستحصل المشاريع الثلاثة الفائزة على التمويل والدعم الفني لتنفيذ أفكارها. حيث لن يوفر ذلك حلولاً محلية وتشاركية وشاملة لاستعادة أفضل للمواقع المختارة والحفاظ عليها بشكل مستدام في مواجهة آثار تغير المناخ فحسب، بل سيعزز أيضاً إمكانية توظيف الخبراء الأفارقة الشباب.
الشباب هم نبراس الأمل لمستقبل التراث في إفريقيا
وفي معرِض حديثه عن أهمية هذا المنتدى وأنشطته المختلفة، قال لنا جيفي إلوغبا كابامبا، وهو أحد المشاركين من جمهورية الكونغو الديمقراطية: "لقد منحنا هذا المنتدى فرصة فريدة للتواصل مع أفراد المجتمعات المحلية، الذين يلعبون دوراً أساسياً في تنفيذ التدابير اللازمة لحماية تراثهم وممارساتهم الثقافية من آثار التغير المناخي. ونتعهد جميعاً بالعمل معاً من أجل حماية تراثنا المشترك وضمان مستقبل مستدام للجميع".
يعد منتدى شباب التراث العالمي الإفريقي السابع نبراس للأمل، حيث يعرض تفاني وإبداع الشباب الأفارقة العازمين على حماية تراثهم من آثار التغير المناخي والحفاظ عليه للأجيال القادمة.