عندما اجتمع اثنان وعشرون من المهندسين المعماريين والمهندسين الشباب من الموصل لأول مرة ضمن سلسلة من الورش التدريبية، اتخذت خطوة هامة صوب مساعدة مدينتهم على استعادة تراثها الثقافي.
وقد مثلت ورشة العمل التي عقدت على مدار ثلاثة أيام بداية المسار الأول للتدريب في إطار مشروع بناء القدرات لاستعادة شاملة ومستدامة ومرنة لتراث الموصل، وهو مشروع بالشراكة مع اليونسكو في إطار المبادرة الرائدة إحياء روح الموصل، وجامعة الموصل. وبدعم سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
فيما يلي بعض النقاط البارزة من ورشة العمل، والتي استمرت من 17 إلى 19 كانون الثاني 2022:
اليوم الأول
وفي أعقاب جولة تعارف بين المشاركين، بدأت الجلسة بكلمات ترحيبية ألقاها مدير المشروع الدكتور روهيت جيجياسو بالنيابة عن منظمة إيكروم. وكجزء من التعاون المتواصل بين جامعة نوتنغهام ترنت ومنظمة إيكروم، قدم الزميل الباحث في الجامعة الدكتور عمر الحفيظ وهو بالأصل من مدينة الموصل كلمة متبصرة حول تراث الموصل الثقافي وتاريخها، حيث سلط الضوء على خسارة الأسواق التقليدية في الموصل والتراث الثقافي غير المادي الثري للمدينة الذي كانت تحتضنه. كما أطلع مستشار إيكروم ومدير إدارة تقييم المخاطر في وزارة السياحة والآثار المصرية، السيد عبد الحميد صلاح، المشاركين على موضوع حماية التراث أثناء النزاعات، وهو أحد الموضوعات الرئيسية التي سيتم التطرق إليها بشكل موسع مع مضي التدريب قدما. وانتهى اليوم الأول بعرض قوي من قبل السيدة ليلى صالح، حيث شاركت خبراتها التي اكتسبتها بصورة مباشرة من خلال العمل مع القوات المسلحة العراقية وغيرها من الجهات الفاعلة غير المحترفة لتأمين التراث الثقافي في محافظة نينوى أثناء وبعد النزاع.
اليوم الثاني
شمل اليوم الثاني من ورشة العمل زيارات منظمة إلى ثلاثة مواقع تراثية رئيسية يتم ترميمها في الوقت الحالي من قبل اليونسكو. وقد اجتمع المشاركون في مجمع جامع النوري حيث تم الترحيب بهم من قبل الدكتورة ماريا ريتا اسيتوسو، كبيرة مديري مشاريع وتلقوا لمحة عامة عن مشروع اليونسكو "إحياء روح الموصل من خلال إعادة بناء ملامحها البارزة" الذي يقوم بإعادة تأهيل مجمع النوري. وكنيستا الساعة والطاهرة بالشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث خرجت برسالة مفادها أن مبادرة إحياء روح الموصل لا تنحصر فقط على إعادة بناء المواقع التراثية، بل تتعدى ذلك في كونها مبادرة لتمكين السكان في الموصل ليكونوا عوامل للتغير وإشراكهم في عملية إعادة بناء مدينتهم من خلال الثقافة والتعليم - حيث تم تصميم دورة إيكروم التدريبية لدعم الأهداف ذاتها.
كما زار المشاركون أيضاً برفقة مهندسي المواقع وممثلين عن الهيئة العامة للآثار والتراث (SBAH) كنيسة سيدة الساعة للرهبان الفرنسيسكان وكنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك. وعلى مدار اليوم، أكمل المشاركون تمريناً ميدانياً يهدف إلى تحديد أهم القيم التراثية للمواقع الثلاثة من خلال التقاط الصور وعمل رسومات يدوية لتساعدهم على التعبير عن رؤاهم لمستقبل كل موقع باستخدام وسائط من اختيارهم.
اليوم الثالث
وبدأ اليوم الأخير بعرض المشاركين العمل الميداني الذي قاموا به في اليوم السابق، أعقب ذلك مناقشة وتعقيبات من الأشخاص المرجعيين الأساسيين للتدريب مثل الدكتورة عَمرة هادزي محمدوفتش، وهي خبيرة بارزة في استعادة التراث الثقافي بعد الحرب في البوسنة والهرسك، والدكتور راند إبيش، وهو مهندس ممارس للحفاظ المعماري متخصص في الحفاظ والتوثيق والتنمية الدولية، بالإضافة إلى غيرهم الكثير من المدربين الذين سيتابعون التقدم الذي سيحرزه المشاركون وجها لوجه في الموصل وعبر الإنترنت.
وقدم منسق المشروع السيد جورج خوام بإيجاز دراسة حالة حول إعادة الإعمار في بيروت، لبنان، بعد الصراع وبعد الكوارث، مقدماً بذلك سياق مختلف لإعادة الإعمار لتسليط الضوء على أهمية إشراك المجتمع المحلي في عمليات صنع القرار من أجل الحفاظ على روح المدينة. كما قدم مساعد المشروع السيد بسام يونس، وهو مواطن من الموصل، رؤيته وحلمه لمستقبل الموصل والذي مهد الطريق لنقاش عاطفي ومؤثر مع المشاركين، وهم جميعا من الموصل وعانوا من صدمة لا يمكن تخيلها تحت وطأة الاحتلال والتدمير الذي حل بمدينتهم.
وفي ختام ورشة العمل، قدم الدكتور روهيت جيجياسو عرضا تقديميا حول المبادئ الأساسية لاستعادة التراث الثقافي بعد الصراع والذي ربط بين التدخلات التي تم التطرق إليها، مما منح المشاركين الأمل بأن الفرصة مازالت سانحة لاستعادة مدينتهم في حال تم التعلم وتطبيق الدروس المستقاة من الماضي ومن سياقات مختلفة كدليل لتحقيق هذا الهدف.
ماذا بعد
ستستأنف الدورة التدريبية بشكل شخصي في جامعة الموصل في 27 شباط 2022. وفي هذه الاثناء، سيتم إعطاء المشاركين تمارين عملية وسيلتقون بفريق الدورة التدريبية بانتظام عبر الإنترنت وفي الموقع لتقييم تقدمهم ومناقشة عملهم. ستستمر الدورة التدريبية حتى تشرين الأول من هذا العام، حيث سيشارك العديد من الخبراء الوطنيين والدوليين معارفهم وخبراتهم مع المشاركين وجهاً لوجه في الموصل. ومن المقرر أيضًا أن يبدأ في الشهر المقبل المسار الثاني للتدريب الذي يهدف إلى بناء القدرات للحرفيين المحليين والذي يأتي بتمويل من الإتحاد الأوروبي.