إن دمج المعارف الأصلية والتقليدية في مجموعة أدواتنا للحد من مخاطر الكوارث (DRR) يوفر العديد من الفوائد. فهذه المعارف تأتي من العلاقات الوثيقة التي تربط المجتمعات المحلية ببيئاتها وخبراتها المتراكمة في التنبؤ بالمخاطر، وذلك من خلال قراءة المؤشرات في البحر، والسماء والحياة البرية.
حيث تعرف الناس والمجتمعات على مدة، ومواقع، وتوقيت، ومدى تكرار، وشدة، وحدوث المخاطر وسلوكياتها المحتملة وإمكانية التنبؤ بها من خلال خبراتهم المباشرة عند وقوع الكوارث.
وتتسم المعارف والممارسات التقليدية، التي تطورت من خلال التجربة والخطأ، بمرونة عالية بفضل المعارف التقليدية التي مكنت هذه التقنيات من إدارة المخاطر المحلية باستخدام المواد المحلية. حيث صمدت العديد من المباني التقليدية أمام الزلازل، والفيضانات، والأعاصير وغيرها من الكوارث بفضل المعارف التقليدية المتجذرة في المجتمعات.
فالمعارف التقليدية تنتقل من خلال التراث غير الملموس مثل الفنون الأدائية ونظم الإدارة المحلية، وذلك باتباع الممارسات والتقنيات التي أثبتت فعاليتها مع مرور الوقت. حيث توفر مهارات التكيف الاجتماعية، والاقتصادية والمؤسساتية للشعوب الأصلية آليات قيمة للتخفيف من حدة الكوارث، والتأهب والاستجابة لها والتعافي منها.
وخلافاً للمفاهيم الخاطئة الشائعة، فإن المعارف التقليدية فعالة وتتطور باستمرار من خلال الإبداع الداخلي والتأثيرات الخارجية، مما يمكنها من الاندماج مع العلم والتكنولوجيا الحديثين. حيث يحفز هذا التكامل الابتكار ويعزز القبول المحلي للمبادرات الجديدة للحد من المخاطر. فالشراكات مع مدراء الكوارث، والمجتمعات المحلية والخبراء التقنيين يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في دمج نظم المعرفة المتنوعة للحد من المخاطر.
وقد دعم ديف بول زيرفاس، المسؤول السابق لإدارة البرامج في مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR)، تطوير "دليل تحويل القول إلى فعل بما يتعلق باستخدام المعارف التقليدية ومعارف الشعوب الأصلية للحد من مخاطر الكوارث"، والذي تم إعداده بالتعاون بين مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث وإيكروم. حيث يقدم هذا الدليل الإرشادي، الذي يستند إلى الخبرات العالمية وشبكات ممارسي الحد من مخاطر الكوارث، النصائح العملية بشأن تنفيذ نهج يركز على الإنسان للحد من مخاطر الكوارث، وذلك بما يتماشى مع إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث 2015 – 2030.
وفقاً لرأي زيرفاس، فإن تجاهل المعرفة من مصادر متنوعة يعد خسارة كبيرة. فالمعارف التقليدية ومعارف الشعوب الأصلية القائمة على نظم معرفية شاملة وقابلة للتطبيق بيئياً، يمكن أن تكون ذات قيمة لا تقدر بثمن. وعلى الرغم من أنها قد لا تكون مبنية دائماً باستخدام الأساليب العلمية الوضعية، إلا أن هذا لا يلغي صحتها أو فاعليتها. فنظم المعرفة التقليدية ومعارف الشعوب الأصلية توفر طرقاً مميزة لفهم الواقع والتفاعل معه، وذلك من خلال الملاحظة الدقيقة والتكامل.
يمكن للنُهج العلمية الحالية توثيق ونشر المعرفة التقليدية، مما يضمن تطبيقها العملي. ففهم ودمج نظم المعرفة المتنوعة يعزز من نهجنا في التعامل مع القضايا المعقدة مثل التكيف مع التغير المناخي، والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان. أما في مجال الحد من مخاطر الكوارث، فإن طرق التفكير الجامدة والاختزالية قاصرة في معالجة المشاكل المتعددة الأوجه. بدلاً من ذلك، هناك حاجة لاتباع نُهج تكاملية تتبنى وجهات نظر متنوعة.
إن المعرفة لا تكون مجدية بنفس القدر في كل سياق، ولكن تجاهل المعرفة التقليدية ومعارف الشعوب الأصلية بشكل كامل يُعتبر خطأً كبيراً. فهذه النظم تقدم رؤى جديدة يمكن أن تسهم في تحسين فهمنا وإدارتنا لمخاطر الكوارث. وعلى الرغم من أن دمج المعرفة التقليدية مع العلم الحديث يمثل تحدياً، إلا أنه يعود بالمنفعة الكبيرة:
• المسؤولية البيئية: تساعد المعرفة التقليدية على خلق علاقة قائمة على الاحترام والاستدامة مع البيئة.
• رؤى عملية: تقدم منهجيات الشعوب الأصلية، التي تستند إلى التجارب الحية، حلولاً عملية ومستدامة.
• نُهج مبتكرة: يمكن للمعرفة التقليدية أن توفر استراتيجيات قد تكون منسية أو متروكة ولكن لها فعالية كبيرة.
• فهم شامل: توفر الأساليب التقليدية ملاحظات وحلولاً قيمة، حتى بدون تحليل مجهري مفصل.
• استراتيجيات شاملة للحد من مخاطر الكوارث: تساهم المجتمعات المحلية للشعوب الأصلية بشكل كبير في إعداد الخطط والآليات الشاملة التي تركز على الإنسان، وهو أمر ضروري للإنذار المبكر وجهود التعافي.
إن هذا الموقع الإلكتروني الجديد مخصص لعرض رؤى، وممارسات ودراسات حالة قيمة ذات الصلة بمعارف الشعوب الأصلية والمعارف التقليدية للحد من مخاطر الكوارث.
استكشف كيف يمكن لمزج حكمة الماضي مع الابتكارات الحديثة أن يبني مستقبلاً أكثر مرونة واستدامة للجميع.