عُرِفت العواصف القويّة والأعاصير والفياضانات والزّلازل بأنّها أكبر المخاطر الّتي تهدّد النّموّ الإنساني. وهذه الظواهر في تصاعدٍ مستمرٍ، وهي ذات تأثير مدمّر على التّراث الثّقافيّ. يدفعنا ذلك إلى تجنيد كلّ الجهود الممكنة لتطوير جهوزيّتنا كلّما ضربت الكوارث من حولنا.
هذا ما حصل فعلاً عندما ضربت الفيضانات الأكثر تدميراً في المئة سنة الأخيرة مقاطعة كيرالا الهنديّة والمقاطعات المجاورة في كارناتاكا، حين هبّت مجموعة من المهندسين المعماريّين الشّباب فتطوّعوا وضافروا الجهود للبدء بالعمليّة الشّاقة لأرشفة وإنقاذ التّراث الثّقافيّ المصاب من مبانٍ أثريّة وآثار منقولة وحرف ومناظرطبيعيّة ومكتبات وطقوس وتقاليدٌ ثقافيّة.
وقد قامت "مبادرة إغاثة التّراث في كيرالا"، بدعمٍ من المركز الدّوليّ لدراسة صون و ترميم التّراث الثّقافيّ (ICCROM) والمجلس العالمي للمعالم والمواقع الأثرية (ICOMOS)، في الهند ساعيةً إلى رسم خارطةٍ (crowdmap) كي تجمع عليها كلَ المعطيات حول الأضرار التي لحقت بالتّراث الثقافي على أنواعها. وسوف تساعد المعلومات المجمّعة من خلال عمليّة المسح على تصوّر مسرح الكارثة، إلى جانب حجم ودرجة الأضرار الناجمة عنها، من أجل الإنتقال بعد ذلك إلى تحديد أولويّات التّدخّل الطّارئ من أجل إنقاذ التّراث عبر عمليات التّرحيل والإنقاذ والإستقرار.
وبالإضافة إلى ما سبق، أقام المركز الدّولي لدراسة صون و ترميم التّراث الثّقافي (ICCROM) حلقةً تدريبيّة طارئة على الإسعاف الأولي للتراث عبر السكايب، موجّهة إلى فريق المتطوّعين الذي قادته مهندسة الصّون السّيدة سورايا براسانث. وقد قام أفراد هذا الفريق منذ ذلك الحين بتدريب اللذين ينفّذون عمليّات تقييم الأضرار والمخاطر وإنقاذ التّراث المتضرّر.
إنّ المركز الدّوليّ لدراسة صون و ترميم التّراث الثّقافيّ (ICCROM) يفتخر بالدّعم الّذي يقدّمه لهذا الفريق الذي يقدم مثالاً على إخلاص التقنيين الشباب الجاهزين لتأمين استجابةٍ فعّالة بوجه هذه الكارثة المأساويّة. وسوف نستمرّ بدعمنا لهذه المبادرة ولمبادرات السّلطات الهنديّة على أمل أن تؤدّي عمليّة استعادة التّراث الثّقافي لعافيّته إلى المرونة المبتغاة في المستقبل.
ونحن نقوم حالياً بإعداد مهمةٍ قادمةٍ بالتّنسيق مع حكومة كيرالا، بحيث تأتي في إطار البرنامج الرّائد الّذي أطلقه المركز تحت عنوان "ألإسعاف الأوّلي للتّراث الثُقافي في أوقات الأزمات".