الدورة الدولية لحفظ التراث المبني (CBH) هي برنامج تعليمي تنفذه إيكروم بصورة منتظمة، يهدف إلى استطلاع الطبيعية متعددة الجوانب لمجال حفظ التراث وعملياته وممارساته. وتركز هذه الدورة بصورة خاصة على الاستدامة والطرق المختلفة لتحقيقها عبر ممارسات حفظ التراث. بدأت أنشطة الدورة بنسختها الحالية يوم 17 آذار/مارس وستستمر حتى 2 حزيران/يونيو، وقد أنجز المشاركون إلى الآن أربعةً من النماذج التسعة المقررة للدورة.
وجدير بالذكر أن لإيكروم سجلاً حافلاً ودوراً رائداً في تنظيم دورات عن حفظ التراث منذ عام 1965. وفي 2023، استندنا في تصميم النسخة الجديدة من الدورة إلى سجلنا الطويل وخبرتنا العميقة وراجعنا نتائج تقييمات الدورات السابقة واسترشدنا بآخر التوجهات الدولية السائدة في هذا المجال.
يقدم هذا البرنامج منهجيةً متوازنةً من حيث المحتوى النظري والتدريب العملي، إذ يبدأ بتقديم خلفية تاريخية تَمُدُّ المشاركين بفهم أعمق لجوهر التراث من العصور القديمة وحتى المعاصرة، وذلك من خلال حلقات نقاش وعروض يقدمها المشاركون لحالات من بيئاتهم المحلية. وهذه المقدمة النظرية ضرورية إذ تضمن أن يكون المشاركون أكثر تمكناً واستعداداً للتدريب وفي المختبرات والزيارات الميدانية إلى سانتا ماريا في تراستيفيري وسالا دوديينزي في الفاتيكان. وكان الهدف من هذه المرحلة الأولى من الدورة أيضاً إعداد المختصين لتقديم تجربة تعليمية متسقة تبرز بصورة عملية أهمية التعاون بين التخصصات والمجالات المختلفة وتعزز مهارات التخطيط الاستراتيجي المشترك.
من المعروف عن دورات إيكروم أنها تحرص دائماً على الجمع بين المعارف التقليدية والمبتكرة لخلق منهجية متنوعة ومتكاملة، وهي منهجية اعتمدتها إيكروم في العديد من المشاريع. ودورة حفظ التراث المبني هي من الجهود التي تجسد هذه القيم لكونها تركز على أهمية تعاون مختلف التخصصات مع بعضها في منهجيات العمل والتوثيق وتبادل المعارف ما بين المختصين والمهنيين. وفي هذه الدورة، ينخرط المشاركون في ممارسات التوثيق ضمن مشاريع الحفظ المعماري وفي تمارين ميدانية في أنجيليكوم، ما ينمي مهاراتهم ويُعدِّهم لاستخدام مجموعة متنوعة من أدوات التوثيق. وقد أضفنا للمحتوى النظري مواردَ عملية ضمن أنشطة تتناول طيفاً واسعاً من مواد البناء وتبين تأثيراتها على قيم التراث. وتقدم هذه الدورة لمشاركيها أيضاً فرصة التعرف بعمق أكبر على عملية حفظ الحجر والجصّ، وصون زخارف السطحيات وتقنيات الإسمنت، ما يُمكِّنهم من التعامل بدراية ومهارة مع التحديات المهنية التي قد تواجههم على أرض الواقع في سياق عملهم. وتثري هذه التجارب العملية ودراسة الحالات فهمَ المشاركين للمشكلات المعقدة التي قد تطرأ في سعيهم إلى تحقيق الاستدامة على المدى البعيد، وهي في نفس الوقت تقدم لهم مزيجاً متوازناً من المعارف النظرية وتطبيقاتها العملية يستندون إليها في تنفيذ مبادرات حفظ فعالة ومتسقة في جميع أنحاء العالم. وقد صُممت هذه الدورة لتكون مرجعاً وإلهاماً للعديد من المهنيين التراثيين بمختلف تخصصاتهم، إذ تشكل دليلاً عملياً يوجههم في تنفيذ أفضل ممارسات الحفظ المتبعة حالياً.
ومع تقدم الدورة، سيستمر المشاركون بدراسة مواضيع جديدة وفي تطوير معارفهم ضمن الأجزاء والنماذج المتبقية من الدورة. وبختام الدورة في مطلع حزيران/يونيو، سيكون المشاركون قد اكتسبوا فهماً شاملاً متكاملاً للتحديات المعقدة التي تصاحب عمليات حفظ التراث المبني، ما سيمهد الطريق للمزيد من جهود الحفظ المستدامة والناجعة في المستقبل.