صافي الصفر: التراث من أجل العمل المناخي" هو مشروع رائد لبناء القدرات على مستويات متعددة، مدته سنتان، يهدف إلى مكافحة أزمة المناخ والمخاطر المرتبطة بها، وذلك من خلال استراتيجيات التكيف والتخفيف القائمة على التراث في النقاط المناخية الساخنة. يجمع المشروع بين المجتمعات المحلية، حيث يتم من خلاله إنتاج حلولاً مختبرة ميدانياً عن طريق الربط بين المعارف التقليدية وعلم تغير المناخ.
وبدعم سخي من مؤسسة الرمز البريدي السويدية Swedish Postcode Foundation، فإن مشروع صافي الصفر يقوم على فكرة أن كل مكان لديه قصة ثقافة مناخية. حيث تجري هذه القصص في تاريخ ومعرفة الأماكن، والتي تشكلت من خلال بيئة المسكن وأجيال من التفاعلات بين الإنسان والأرض.
فمن خلال جمع مثل هذه القصص من مواقع الابتكار الخمسة لدينا، يسر البرنامج الرئيسي لإيكروم الإسعافات الأولية والمرونة للتراث الثقافي في أوقات الأزمات (FAR) إطلاق سلسلة من المدونات التي يتم من خلالها مشاركة جولات مشروع صافي في مواقع الابتكار الخمسة وهي: البرازيل، ومصر، والهند، والسودان وأوغندا.
تقع مقاطقة كاسيسي عند سفح جبال روينزوري الرائعة في أوغندا، حيث تحيط بها الشلالات المتشابكة المنخفضة. كما أنها تقع عند التقاء نهري كابيري وكيثانجيتسي لتتشابك مع الموقع الثقافي المقدس لشلال إكيسالهالا كيا كورورو حيث نجد النظام البيئي الفريد للنباتات والحيوانات الذي يجعل من المنطقة منظراً طبيعياً خلاباً ومتنوعاً.
كاسيسي هي موطن للمجتمعات المحلية المختلفة، بما فيها جماعات باكونزو وباسونجورا التي تتمتع بعلاقة روحانية كبيرة بالنهر، حيث تتبع جذورها الثقافية إلى جبال روينزوري. فطقوس تطهير مياه النهر، والنظام التقليدي للتنبؤ بأحوال الطقس، وزراعة الأنواع المحلية من الأشجار على طول ضفاف الأنهار واستخدام الأعشاب الطبية قد حافظت على الحياة على مدى مئات السنين في ظل الظروف الجبلية القاسية.
إلا أنه خلال السنوات الأخيرة، أصبحت كاسيسي عرضة بشكل متزايد لواقع التغير المناخي الذي ستصبح آثاره أشد عنفاً في السنوات القادمة. فهطول الأمطار الغزيرة وذوبان الأنهار الجليدية من جبال روينزوري له عواقب وخيمة على المجتمعات المحلية، حيث تمزق الفيضانات المدمرة الوديان، مما يخلق طريقاً للدمار ويؤثر على حياة الآلاف من الناس وسبل عيشهم. ولذلك، تكافح هذه المجتمعات من الرعاة والمزارعين المحصورين في البيئات الهامشية والمعرضين بشكل متزايد للتغير المناخي من أجل إيجاد اقتصادات بديلة للعيش، مما يؤدي إلى الانقسامات الطائفية المتعلقة بالأراضي وبالتالي فقدان التلاحم الاجتماعي.
تشكل ثروة معارف السكان الأصليين داخل هذه المجتمعات مصدراً للمعلومات التي يمكن توجيهها نحو استراتيجيات التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معه، وذلك للأشخاص الذين يعيشون في الموقع. وعندما تُشرح وتُعزز بواسطة العلم، فإن الحكمة وممارسات السكان الأصليين لها القدرة على التخفيف من حدة الأزمة العالمية، وزيادة قدرة المجتمع على الصمود وتعزيز الوحدة الاجتماعية.
ولهذا السبب، نحن، في مؤسسة عبر الثقافات الأوغندية (CCFU)، تقدمنا بطلب لمشروع إيكروم صافي الصفر: التراث من أجل العمل المناخي. فنحن نعمل للحفاظ على التراث وتعزيزه من خلال المشاركة المجتمعية، حيث نحرص بفخر على الحفاظ على تنوع الثقافات في أوغندا والاستفادة منها من أجل مستقبل عادل ومزدهر في مواجهة التغير المناخي.
بعبارة أخرى، هل من الممكن التوفيق بين المعارف التقليدية والتكنولوجيات الحديثة في استراتيجية مستدامة لمكافحة التغير المناخي؟ مع العمل بالوقت نفسه على تعزيز التلاحم الاجتماعي وتشجيع أنشطة السلام وبناء القدرات؟
فمن خلال مشروع صافي الصفر: التراث من أجل العمل المناخي، أصبح فريقنا مجهزاً بتصورات عالمية حول آثار التغير المناخي، وتدابير التخفيف وأساليب البحث وجمع البيانات المتنوعة. فقد قمنا بجمع البيانات عن طريق استبيان من 7 خطوات، تم تطويره في إطار برنامج إيكروم الإسعافات الأولية والمرونة للتراث الثقافي في أوقات الأزمات (FAR) لتكوين لمحة عامة كاملة عن الموقع. حيث يحتوي الاستبيان على معلومات تتعلق بالتضاريس، وعوامل قدرة المجتمع على الصمود وبنيته الاجتماعية والسياسية.
بعد ذلك، ثبت أنه من المهم دمج وتوحيد النتائج التي توصلنا إليها بما يخص معارف السكان الأصليين مع الخبرة التي قدمها لنا العديد من المتخصصين في المنطقة، وذلك خلال تدريب تم عقده وجاهياً في كل من روما وسينك تير في إيطاليا. وقد قمنا مع خبراء المناخ، وخبراء التنوع البيولوجي وخبراء التخفيف من آثار الفيضانات وعلماء البيئة، بجولة افتراضية على ضفاف نهر كابيري. حيث نظرنا بالمخاطر المتعلقة بالمناخ من منظور ثقافي، ووثقنا التغيرات في استخدام الأراضي خلال فترة القرن الماضي. هذا الخليط من النُهج التقليدية والحديثة أدى إلى إنشاء خطة عمل مستدامة تركز على المجتمع من أجل مستقبل كاسيسي.
وتشمل الأنشطة الرئيسية لمشروعنا ما يلي:
- عزل الكربون عن طريق إعادة التشجير، وذلك باستخدام أنواع النباتات المحلية، مثل الخيزران واللبخ.
- الحد من مخاطر الانهيارات الأرضية والفيضانات عن طريق تعزيز ضفاف الأنهار بأنواع من النباتات المحلية.
- توارث معارف السكان الأصليين وتناقلها بين الأجيال عن طريق تنظيم حلقات إخبارية وروائية مع زعماء العشائر وأطفال المدارس.
- سد الثغرات الموجودة في البيانات المتعلقة بالتقلبات والتغيرات المناخية، وذلك بالتشاور مع أصحاب المصلحة الرئيسيين للإعلام بخطة كاسيسي للتكيف مع التغير المناخي.
- رفع مستوى وعي المجتمع المحلي حول التغير المناخي والمخاطر المرتبطة به والإمكانات المخففة لمعارف السكان الأصليين من خلال التنسيق مع أصحاب المصلحة المحليين وإنشاء لجنة محلية مختصة بما يتعلق بالتغير المناخي.
- تعزيز التلاحم الاجتماعي والتعايش السلمي بين الجماعات العرقية، وذلك من خلال المبادرات الجماعية، مثل غرس الأشجار وتنظيم ورش عمل لبناء القدرات.
وحالياً، نعمل على تنفيذ خطة العمل هذه في الموقع. فالمجتمع في كاسيسي متجاوب مع المشروع ويقدره؛ لأنه عزز الوحدة والتعاون بين جماعتي باكونزو وباسونجورا. حيث أنهم في الآونة الأخيرة، عملوا على تشكيل لجنة أطلقوا عليها اسم لجنة التخفيف من آثار التغير المناخي في وادي النهر. أما في الأشهر المقبلة، فإننا نخطط لإشراك 250 شاباً للمشاركة في زراعة الأشجار الأصلية وتجميع إصدار يحتوي على المعارف التقليدية التي تم جمعها.
نحن على ثقة بأن هذا المشروع سيقلل من مخاطر الفيضانات من خلال دعم ضفاف نهر كابيري، وتشجيع وتعزيز إنتاج المحاصيل، وضمان قدسية الموقع وإمكاناته السياحية، وبالتالي توفير فرص العمل والأنشطة المدرة للدخل للمجتمعات المحلية.