تفعيل دور المتاحف كملتقيات تساهم في بناء السلام والتماسك الاجتماعي
تضمنت الاحتفالية عروض تقديمية ومعرض تفاعلي وحفل موسيقي لأوركسترا بيت العود من السودان
الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، 8 كانون الأول/ ديسمبر 2022 - تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عقد المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم – الشارقة) بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية (NCAM)، ومعهد إفريقيا بالشارقة ورشة عمل حول مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية (WSCM)، وذلك بتاريخ 8 ديسمبر/ كانون الأول 2022 في معهد أفريقيا بالشارقة.
سلطت هذه الورشة الضوء على مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية الذي أطلقه مكتب إيكروم- الشارقة في عام 2018، بالتعاون مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين وبتمويل من صندوق الحماية الثقافية التابع للمجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة ALIPH، بهدف تفعيل دور المتاحف بمجموعاتها التراثية كملتقيات تساهم في بناء السلام والتماسك الاجتماعي. وشمل المشروع ثلاثة متاحف رئيسة هي متحف دارفور ومتحف شيكان الأبيض في شمال كردفان وبيت خليفة في أمدرمان (الخرطوم)، حيث تمثل المتاحف الثلاثة جغرافياً غرب السودان وتاريخه وثقافته.
وصرح الدكتور ويبر ندورو مدير المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم) بهذه المناسبة قائلاً: "يهدف مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية إلى بث حياة جديدة في المتاحف المحلية في غرب السودان من خلال تحويلها إلى محاور مجتمعية للتجمع والتعلم والمشاركة والنمو سويةً. في الواقع، لا يوجد شيء يجعلنا نشعر بالسعادة أكثر من رؤية جهودنا تحدث تأثيرًا حقيقيًا في هذه المجتمعات، والذي سيستمر في إفادة المجتمع لسنوات قادمة. يتشرف مركز إيكروم بهذا التعاون مع شريكنا المحلي، الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية، والمجلس البريطاني، والذي أدى إلى تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة ملموسة ."
كلمات هامة في حفل الافتتاح
حضر ورشة العمل التي استمرت لمدة يوم واحد عدد من المهتمين والشخصيات المعنية بالشأن الثقافي في المنطقة العربية بشكل عام والسودان على وجه الخصوص، تتقدمهم الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيس معهد أفريقيا في الشارقة، والدكتور صلاح محمد حسن، مدير معهد أفريقيا، والدكتور زكي أصلان، مدير المكتب الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي (إيكروم- الشارقة)، والدكتورة غالية جار النبي، نائب المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية.
في بداية حفل الافتتاح ألقت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي كلمة افتتاحية رحبت فيها بالحضور والمشاركين في الورشة وأثنت على أهمية مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية، كما توجهت بالشكر لراعي هذه التظاهرة، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، قائلة "لطالما أولى صاحب السمو رعاية كبيرة للمشاريع والمبادرات التي تمثل جزءاً من رؤيته الشاملة في ترسيخ هويتنا وإرثنا الحضاري والإنساني."
بينما استعرض الدّكتور صلاح محمد حسن في كلمته تاريخ ونشاطات معهد أفريقيا في الشارقة، مؤكداً أيضاً على أهمية هذه الورشة قائلاً: "يسرّنا في معهد إفريقيا أن نستضيف مؤتمرًا علميًا حول التّراث في غرب السُّودان، وذلك بالتّعاون مع إيكروم (ICCROM)، والذي سيسهّل التّبادل الثّقافي من خلال الفن والأداء لإثراء فهم التّراث الغني للسُّودان والحفاظ عليه. تعتبر هذه الفعالية جزء لا يتجزّأ من مهمتنا كمؤسّسة أكاديمية ذات توجّه عالمي مكرّسة لدراسة وتعليم وتوثيق قضايا أفريقيا والشّتات الأفريقي، وتقع في قلب الشّارقة، عاصمة الثّقافة."
من جهته قال الدكتور زكي أصلان إن "هذا المشروع لا يقتصر على استهداف ممتلكات تراثية قيِّمة من خلال تنفيذ أعمال الحفظ والصيانة وتدريب الفرق الوطنية فحسب، بل يقدم أيضا منهجية وآلية عمل واستثمار طويل الأجل في السودان لخلق بيئة عمل متكاملة. وعلى الرغم من أهمية الحفاظ على المتاحف ومقتنياتها وإعادة تأهيلها، فإن القيمة الحقيقية لهذا المشروع ونتائجه تتمثل في إحياء المتاحف وتفعيلها كمراكز لقاءات اجتماعية وثقافية." وأضاف الدكتور زكي أصلان "إنَّ التزام مكتب إيكروم-الشارقة تجاه السودان والمتاحف المجتمعية لا يتوقف عند إتمام هذه المرحلة، بل إنَّ السودان مشارك دائم في جميع الأنشطة التدريبية في المنظمة. " وختم الدكتور زكي أصلان كلمته بتوجيه الشكر للشركاء والجهات المانحة قائلاً "نحن ممتنون للغاية للجهات المانحة الذين لم يبخلوا بدعم هذا المشروع وجعلوا حماية جزء من التراث الإنساني للسودان أمراً ممكناً."
وختمت الدكتورة غالية جار النبي حفل الافتتاح بكلمة تحدثت فيها عن أهمية المشروع بالنسبة لتاريخ ومستقبل السودان قائلة: “بالنيابة عن الهيئة العامة للآثار والمتاحف السودانية، أود أن أعرب عن خالص تقديرنا وامتناننا لشركائنا، إيكروم-الشارقة وصندوق الحماية الثقافية التابع للمجلس الثقافي البريطاني، الذي عملوا على تخطيط وتنفيذ هذا المشروع الهام، والذي سيكون له أثر كبير على مستقبل المتاحف المجتمعية في السودان، وسيكون بمثابة نموذج يحتذى به من قبل المتاحف الأخرى في البلاد."
إحياء المتاحف وتفعيلها كمراكز لقاءات اجتماعية وثقافية
تضمنت ورشة العمل ثلاثة محاور رئيسة، حيث ركز كل محور على واحد من المتاحف الثلاثة المشاركة بالمشروع بمشاركة عدد من الخبراء المحليين والدوليين والمعنيين بتنفيذ المشروع. في الجلسة الأولى تناول المحاضرون مشروع ترميم المتحف المجتمعي لبيت خليفة في أمدرمان، الخرطوم، وهو عبارة عن مجموعة تاريخية من المباني والأفنية من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ويتم استخدام المبنيين الرئيسيين فيه كمتحف حيث يحتويان على مجموعة قيمة تعود في غالبيتها لفترة المهدي والخليفة.
وركزت العروض خلال هذه الجلسة على عدة مواضيع هامة في طليعتها تاريخ المتحف في تعزيز السلام، ودور الحفظ في المتاحف المجتمعية، وأعمال الترميم للمجموعات ضمن المتحف، والأفكار والمفاهيم التي استخدمت في تطوير المعارض ضمن بيت خليفة، وتاريخ وأعمال ترميم برامبل وبيت البقارة؛ ودور الشراكة المؤسسية في متاحف المجتمع - جامعة الأحفاد للمرأة؛ ومواضيع أخرى.
في الجلسة الثانية تناول المحاضرون المتحف المجتمعي في شيكان الذي يتضمن معرضين، المعرض الأثري السوداني والمعرض التاريخي الذي يضم القطع الأثرية المتعلقة بمعركة شيكان عام 1883، بينما يضم فناء المتحف حديقة صغيرة ومساحة للأداء. وركزت العروض في هذه الجلسة على عدة مواضيع هامة أيضاً، من بينها تطوير دور ضمن المجتمعات من أجل التعليم والتوعية والبيئة والبحوث التراثية، وتطوير برنامج التراث الأخضر، وأهمية المعارض والمجموعات وغرفة الحفظ، ورسم الخرائط المعمارية لبوابة المديرية بواسطة الدرون (طائرة من دون طيار)، وأخيراً المجتمع ودور الدولة في شمال كردفان.
في الجلسة الثالثة والأخيرة ركزت الورشة على متحف دارفور الذي يعود تاريخه لعام 2006 ويعتبر أول متحف مجتمعي في السودان، حيث قام المشروع بترميم المقر التاريخي للمفتش العام وإعادة تنسيق الساحة لمنع الفيضانات، وترميم صالات العرض وجميع مرافق الخدمات ليعود المتحف للعمل مرة أخرى اليوم بعد تنفيذ المشروع وزراعة الحدائق المحيطة به بالأشجار وتزويدها بمظلات جديدة. كما ركزت العروض على أهمية التراث لمجتمعات دارفور، ومسوحات التراث غير المادي والملموس في دارفور 2020-22، ومتحف المرأة، وترميم مجموعات التراث الملموس وغير الملموس في متحف دارفور، ومسح التراث الأخضر 2022، ورسم خرائط لتراث دارفور، ومواضيع أخرى.
بالإضافة إلى ورشة العمل، تضمنت الفعالية أيضًا معرضًا تفاعليًا تم افتتاحه في 8 ديسمبر/كانون الأول 2022 في معهد إفريقيا بالشارقة، ويستمر لغاية 12 ديسمبر/كانون الأول 2022. بينما اختتمت الورشة بإطلاق كتاب وفيديو حول المشروع، وحفلة موسيقية رائعة أحيتها أوركسترا بيت العود السوداني - الخرطوم في مسرح قاعة أفريقيا بقيادة أحمد شمه وإشراف الدكتور نصير شمة. وتمكّن هذه العروض الموسيقية من الترويج للموسيقى والتراث الأفريقي، كما تختفي بثقافة وموسيقى "العود" الذي يعتبر من أقدم الآلات الموسيقية العربية.
انظر البيان الصحفي (باللغة الانجليزي)
شاهد الفيديو